بحث هذه المدونة الإلكترونية

٢٠٠٨-٠٣-١٢

لماذا لانؤمن بالخلق من العدم؟

مرحباً
قضية الخلق من العدم هي احدى اشهر واكثر المواضيع التي يطرحها المتكلمون وبقية ادعياء الفلسفة، فهم يرون ان الاله او مهما كان اسمه خلق العالم من لاشيء !
نريد في هذا الموضوع ان نوضح بعض الحجج التي تبين السبب الذي يجعلنا لانؤمن بقضية الخلق وقضية حدوث العالم بعد ان لم يكن شيئاً.

كل حادث زماني مسبوق بقوة ومادة

فكرة المتكلمين عن الخلق هي ان العالم لم يكن ثم كان ! وان الله خلق هذا العالم واخرجه الى الوجود باعتبار انه على كل شيء قدير ...الخ. فالعالم بناءاً على كلامهم حادث زماني بمعنى ان فكرة الخلق تتضمن ان يكون العالم حادث بالحدوث الزماني، فالعالم لم يكن موجوداً في زمان ما ثم وجد بعدها.
الان دعونا نتصور ان كلام المتكلمين كان صحيحاً، دعونا نتصور ان العالم لم يكن.... ولم يكن هناك اي شيء مهما كان... لا انسان ولا سماء ولا ارض ولا اي شيء سوى الاله المزعوم وجوده. ومن ثم هذا الالهة قرر ان يخلق العالم في لحظة زمنية معينة بطريقة كن فيكون العالم بعدها في غمضة عين او في ستة ايام او في ملايين السنين ! لايهمنا الفترة المهم ان مادة العالم لم تكن موجودة ثم وجدت.

الان اطلب من القارئ التركيز جيداً

لما لم يكن هناك مادة او اي شيء قبل الخلق فان نسبة فعل الخلق الى كل اللحاظ الزمانية تكون متساوية، معنى هذا الكلام هو انه لايوجد ميـّز يميز هذه اللحظة الزمانية حيث الخلق عن التي تليها عن التي سبقتها فمادام لايوجد مادة تتميز بها لحاظ الزمان قبل الخلق فان كل اللحاظ الزمانية تكون متشابهة وسيكون نسبة الفعل الى كل منها متساوياً، ولما لم يكن هناك مخصص لصدور فعل الخلق في زمن خاص فانه من المستحيل ان يتحقق !

يمكننا التعبير عن هذا البرهان الفلسفي باسلوب ابسط فنقول لماذا خلق الله العالم في هذه اللحظة ولم يخلقه في اللحظة السابقة او اللاحقة؟ لماذا اختار هذه اللحظة بالذات؟ هل هناك مايميز هذه اللحظة عن غيرها؟ لابد ان تكون هذه اللحظة مميزة بحيث ان جهة التميز تصبح مثاراً لصدور فعل الخلق عندها... ولكن لما كان المفروض هو ان العالم معدوم ولايوجد اي شيء سوى الله فانه لايوجد مميز لهذه اللحظة عن غيرها.
يعني كان من الممكن ان يكون فعل الخلق قد حدث في هذه اللحظة او التي قبلها او التي بعدها وهكذا ولما كان الامر على هذا الحال من تساوي نسبة الفعل الى كل لحاظ الزمان فان الثابت عندنا انه لايجوز الترجح بلا مرجح ففعل الخلق الحادث في هذه اللحظة الغير مخصصة بما يميزها عن غيرها هو ترجح بلا مرجح والترجح بلا مرجح محال عقلي.

اذن كل حادث زماني لابد ان يكون مسبوق بصورة معينة من المادة بحيث تكون لهذه المادة القوة (القابلية) على التلبس بالصورة الثانية وهكذا تكون المادة والقوة على التحول الى الشكل الجديد هي المرجح لصدور الحدث في هذه اللحظة الزمنية، على سبيل المثال بيضة الدجاجة فيها القوة على التحول الى دجاجة فالدجاجة شيء حادث وهذا الشيء الحادث مسبوق بمادة هي البيضة التي لها القابلية على التحول الى دجاجة.
من عجائب الامور ان البعض يجيب على هذا الاشكال بطريقة مضحكة فعندما تقول له لماذا خلق الله العالم في هذه اللحظة دون غيرها؟ فانه يجيبك لانه لو خلقها في غيرها لكنت سالت نفس السؤال وهكذا !
يعني هو يعترف انه لايوجد مايميز لحاظ الزمان عن بعضه ومع هذا يصر على صدق صدور الفعل بهذه الطريقة ضارباً بالمفاهيم العقلية عرض الحائط !
نحن في هذا الموضوع لانريد ان نناقش اراء شبابية او اراء مسفسطين بل نريد ان نناقش اعتراضات فلسفية فقط.

جواب القديس اوغسطين

احد اهم الاعتراضات وجاهة هو ماجاء به القديس اوغسطين عن الاشكال المتقدم فهو رآى ان لب الاشكال قائم على افتراض ازلية الزمان او ان هناك زمان قبل خلق العالم فحتى يتخلص من الاشكال قال ان الزمان نفسه حادث له بداية وان بداية الزمان هي نفسها بداية العالم.
ومما يستحق الاشارة اليه هو ان البعض سمع بنظرية الانفجار العظيم وكيف انها تقول بان للزمان بداية فرآى في هذا الجواب فتحاً مبيناً ونصراً عظيماً وتأييداً علمياً لكلام اوغسطين !

رد جواب القديس اوغسطين

هذا رد سهل جداً على كلام اوغسطين علماً انه بالامكان الرد عليه بطرق مختلفة.
نقول ان كلام اوغسطين يلزم منه التنافي، لان تحت فرض صحة كلامه (ارجو الانتباه والتركيز جيداً) فان الزمان نفسه سيكون حادث زماني لانه لم يكن هناك زمان قبل خلق العالم ثم كان هناك زمان بعد خلق العالم فالزمان سيكون حادث زماني.
طيب قلنا ان الحادث الزماني هو ما كان مسبوقاً بعدم في زمان سابق على وجوده ... فحتى يكون الزمان حادث لابد ان يكون هناك زمان لم يكن فيه الزمان موجوداً !!!!! اي انه لابد ان يكون عندنا زمان لا زمان فيه ! وهذا تنافي اذ انه فرض وجود وعدم وجود الزمان ! فكلام القديس اوغسطين محال !
بقي ان نرد على المهرجين من انصاف المتعلمين من قراء نظرية الانفجار العظيم.
يجب ان يعلم القارئ انه من الناحية الفلسفية هناك فرق بين الزمان وبين الزمان المطلق ، فالزمان قابل للتقسيم الى وحدات مثل الدقيقة والساعة واليوم والشهر والسنة وكل من هذه التقسيمات لها بداية ولها نهاية فاليوم مثلاً له بداية زمنية هي الساعة صفر وله نهاية زمنية هي الساعة 24 وحينما نقول ان اليوم له بداية فهل هذا يعني انه لم يكن هناك زمن قبل هذا اليوم؟ او انه لن يكن هناك زمن غداً؟
هذه البداية النهاية هي بداية ونهاية منسوبة للتقسيم المجازي الذي قسمنا الزمان اليه ولكن اذا نظرنا الى الزمان بلا تقسيمات فاننا سنراه كماً متصلاً يرتبط فيه الماضي بالحاضر بالمستقبل بلا توقف وانقطاع فكل لحظة زمنية تكون مرتبطة بما قبلها ومرتبطة بما بعدها مثل السلسلة الفولاذية بلا انقطاع ولا توقف وهذه السلسلة التي لابداية لها ولانهاية هي مانسميه بالزمان المطلق.
نعود الان الى نظرية الانفجار العظيم فنقول ان البداية الزمانية التي تتكلم عنها النظرية ليست من نمط الزمان المطلق بل هي بداية للزمان فقط مثلما ان اليوم له بداية والشهر والسنة ... ان لحظة الانفجار العظيم لاتعدو ان تكون اقدم لحظة معروفة لنا في سلسلة تطور الكون المستمر ومجمل البحث الحالي هو حول وضع النظريات لما حصل قبل الانفجار العظيم والنظريات الحالية تشير كلها الى ازل الزمان وازل العالم معها وان سبب تأخر هذه النظريات هو عدم وجود نظرية تثاقل كمي مكتملة ولكن نحن لسنا في الظلام تماماً فهناك الكثير من النظريات التي تخبرك بما كان موجود قبل الانفجار العظيم ... ولكن هذا موضوع اخر.

شكراً لقراءة الموضوع.
إنكي
=============================================
الاستاذ الكبير المعلم المرشح لتولي مسك ادارة منتدى الملحدين اتشرف بنقل احد افضل مقالاته من مدونته الموقرة لافادة قراء مدونتي المتواضعة بشكل عام والعزيز فتى الجبل بشكل خاص وبما ان العين لاتعلوا عن الحاجب كما يقال فان ذلك المقال سيكون افضل رد على البعرة تدل على البعير الذي هو ايضا عنوان احد مقالات الاستاذ إنكي وتحتوي مدونته على الكثير من المقالات العلمية المفيدة والتي لاتشترط التصديق بها لكن القراءة بحد ذاتها مفيدة , وبما ان مدونة رأي قد اقيمت على تعدد الاراء وليست حكرا على كاتب واحد فان هذه المقالة ستكون افتتاحية لنقل افضل المقالات في الوطن العربي على ان لاتزيد عن مقالة في الاسبوع ولن انسى السميع المهندس سالم باغنية على ذوقي اتمنى ان تنال اعجابه .
المقالة تعبر عن راي صاحبها بشكل عام وهذا لايمنع من ان اتفق في الكثير معه حتى لايخرج الي من يصيح باني مثله ولو انني اتشرف بذلك , عموما المقال مليئ بالمفردات بعلم المنطق وانصح بقراءة كتاب الألفاظ المستعملة في المنطق للفارابي حتى يستطيع القارء فهم بعض المصطلحات المكتوبة في المقال , حاولت صبغ الافكرا الجزئية في الموضوع باللون الاحمر حتى اوضح للقارئ المعنى المقصود دون شرح ونقاش فالحر تكفيه الاشارة وافضل عملية للتعليم هي البحث والاطلاع .
ودمتم

الشابة زينة فنانة مفعمة بالاحساس وذات حنجرة جبلية حزينة ابدعت بأغنية خليك معايا



وأغنية للشاب حسني روعة في الاداء

ذكريات

هناك ٥ تعليقات:

غير معرف يقول...

لقد شدنى العنوان كثيرا
واردت ان احجز تعليقى وان اكون اول تعليق عندك الا ان اقرءا المقال كاملا وانا قشك فيه لاحقا لاننى الان اشعر بالتعب قليلا سناقشك لحقا ولكن فقط ارلادت ان احجز اول تعليق عندك

مثلى قوى

فتى الجبل يقول...

اذا كان هذا الكون مخلوق من قبل المادة
واذا عرفنا ان الانسان قد عرف وفهم اسرار المادة ومكوناتها فلماذا لا يستطيع الانسان الى الآن من كون مثل هذا الكون
واذا كان الانسان قد عرف اسرار تكون السحب فلماذا لم يستطع حتى الآن من مواجهة مشكلة التصحر مع انه كان هناك العديد من المحاولات الفاشلة
عزيزي نظامنا الكوني اكبر من ان يكون مجرد مادة

atsuma the free man يقول...

اهنئ انكي لتولي ادارة منتدى الملحدين العرب

و نظرية اخلق و الخالق ليست بجديده,,و انما ظهرت ايام الحظاره السومريه في العراق,,و اختلقت في اساطير,,,منها ملحمة جلجامش

وهي تصور الملك الذي خلته الالهه نصف انسان و نصف اله,,و خلق انكيدو لمواجهته


وع ذلك لا يوجد اي توظيح للانفجار العظيم بالدين و اي من اثباتات النظريات الحديثه
تحياتي

Mesbah يقول...

إن كان الإسلام هو الحل... فأين المشكلة؟

يعني يا جماعة، عايشين في تخلف على كل المستويات. حتى الدول أو الأفراد أو الجماعات أو العائلات الغنية متخلفة تحت السطح وما تمدنهم وتطورهم إلا قشور. مع الزمن، شوه الإسلام جيناتكم - الله لا يوطرزلكم - وما زالت الإغلبية العظمى تعتقد بأنه هو الحل. تماماً مثل مدمن المخدرات أو الكحول الذي يعتقد بأن في هذه المواد حل مشاكله، ولا يعترف بانها هي المشكلة فعلاً.
عليه، فالجواب على سؤالي أعلاه هو: :الإسلام". نعم؛ هو المشكلة وليس الحل.
يا حلوين انت وهي وهو: ما رأيكم في شعار جديد؟
"لو كانت العلمانية واحترام الانسان لمجرد كونه انساناً جرائماً، فسحقاً لمن تثبت براءته!"

rai يقول...

مثلي قوي

فتى الجبل

الرجل الحر

مصباح
==========

شكرا لمروركم وتسعدني زيارتكم