بحث هذه المدونة الإلكترونية

٢٠١٠-٠٣-١١

التقية مفيدة أحياناً

في حديث شيق مع أحدى الزميلات عن النفاق والكذب ومحاولة عمل ما لايؤمن به الشخص إرضائاً لشخص أخر ومدى تحمل الشخص للكم الهائل من الزيف والتمثيل , فأخبرتها عن رحلتي القصيرة للعمرة مع مجموعة من الأصدقاء وعن خطتي المستقبلية لزيارة مدينة كربلاء , الموضوع اثار أستغراب الزميلة وهو ما جعلني أغوص بالتفكير الفلسفي دوناً عنها وتبادر إلى ذهني لما يعتقد البعض أن ممارسة ما لايؤمن به يعتبر أمر مرفوض ؟!

زميلتي تقول بأنها قد طلبت الطلاق من أجل أن زوجها طلب منها لبس الحجاب وهو الذي رأها قبل الخطبة من دونه ورضي بذلك وقد قاست تجربتها بتجربتي وهو ما يتعارض بصلب الفكرة , فالزواج له شروطه وأحكامه أما العمرة فهي من أجل التجرية فقط , الملحد واللادييني واللا أدرية وكل من لايؤمن هؤلاء كلهم تحكمهم شروطهم الأنسانية والشخصية فلا يوجد ما يسمى بالمحرم او الممنوع الا بضروف وأحكام معينة لسنا بصدد التحدث عنها الان , العمرة وزيارة الكنيسة وحتى اسرائيل هذه لا تعني بأن الشخص قد تنازل عن إيمانياته أو أنه يحاول النفاق ويعيش بدوامة تبديل الأقنعة , فذكر البسملة مثلا لا تعني بأن الشخص أصبح منافق فهي مجرد كلمة تقال وتعود اللسان عليها ولها معنى مجازي مستخدم في زمن إلقاء الجملة .

حاولت إختزال الفكرة بأن الإيمان بفكرة أو معلومة تكون لنفس الشخص وليس مجبر على إعلانها وهذا يذكرني بأحدى رحلاتي حينما سألت عن إسم الشخص الجالس بجنبي وإذ إسمه عمر فجاوبته تلقائياً : هل أنت مسلم ؟ وكان جوابه درساً لي حين قال : هل لأن إسمي عمر يلزمني بأن أصبح مسلماً ؟! لذا كان من الواجب سؤاله عن الاسم اولاً ومن ثم سؤاله ماهي ديانته :)
طبعا في اوربا يعتبر السؤال عن الدين من الأمور الشخصية .

الواقع أيضا له أحكامه في ظل قوانين الدولة التي تعارض فكرة إفشاء فكر إلحادي وتعاقبه ناهيك أيضا بكثرة التهديدات التي ستتوالى عليه وسيكون مصيره كهيباتيا , لذا في مثل هذه المواقف يتحتم على الأنسان أن يحكم عقله ويتأنى وهو ليس مجبراً على إفصاح مكنوناته وليس مجبراً على التشهير بديانته وإيمانه وما يمارسه من أمور يومية قد تتداخل فيه بعض الأفكار المعارضة لافكاره فالأولى ان يجامل حتى لا يكشف الغطاء وتتدهور الأمور فالطلاق وخسارة الوالديين والأخوان والأهل ليس بالأمر السهل ولا بالجيد بحكم الواقع الذي يقول هكذا .

لذا السؤال مطروح لكم أعزائي القراء هل ماذكر يعتبر نفاق أو تحكيم عقل ؟

٢٠١٠-٠٣-٠٢

هيباتيا







شاهدت فيلم "Agora" الذي يصور حياة الفيلسوفة اليونانية التي عاشت في الإسكندرية أواخر القرن الثالث وأوائل القرن الرابع
الميلاديين , أبوها أثيون أخر زملاء متحف الإسكندرية , إشتهرت بالحكمة و سعة المعرفة و كانت مشهورة بجمالها أيضاً , وللأسف قد تم قتلها بطريقة بشعة تقشعر لها الأبدان الفيلم بين موتها خنقا عن طريق خادمها السابق ومن ثم رجمها وفي الروايات ذكر أنه قد تم سلخ جلدها , عموماً تعددت الأسباب و الموت واحد .


أكثر ما أثار إنتباهي بالفيلم هو كيفية تغيير مجريات الأمور في البلدة وإنحنائها للأسوء من خلال فرض دين وفكر جديدين على المجتمع اليوناني الوثني المتعدد الألهة وردة فعل المجتمع على ذلك وتشابه القصة مع دعوة النبي محمد في مكة من خلال الدعوة لدين جديد , الأمر ليس بالسهل على المجتمع والفرد أن يغير فكره ودينه بهذه السهولة ومن خلال بعض المعجزات-كما حصل بالفيلم-التي أقرب ماتكون للصدفة , ما يلاحظ بالتاريخ أن أغلب الأديان تكون بداياتها تتصف بالطيبة والرحمة والعطف وسرعان ماتتحول الى عكس ذلك كاشفة أنيابها المخبأة وكما نقول هنا "تمسكن حتى تمكن" وهي تدل على على الشخص الذي يدعي بأنه مسكين وطيب حتى يحصل على مبتغاه , هذا ما كان واضح لأغلب الشخصيات التاريخية الرافضة لمثل هذه الأديان والأفكار الجديدتين عليهم مثل شخصيتنا التي نتكلم عنها فيكون مصيرهم الموت أما البقية ممن حقنت دمائها رضت بالأمر الواقع عليها وأعتنقت الفكر الجديد خوفاً على نفسها كما فعل اوريستوس بالفيلم والذي تفعله حكوماتنا الأن والتي إما أن تسير معها وفق أيدولوجية الأغلبية أو تقتل فعلياً أو لنقل تقتل مجازاً كتصغير دائرة الحريات حتى لاتدع لك مجال للتنفس .


هيباتا فعلت العكس بتمسكها بمبادئها و أفكارها التي تؤمن بها فكان مصيرها القتل , الفيلم كما رأيته يبين معضلة التمسك بالمبادئ التي يؤمن بها الشخص والتي يكون مصيره الموت أو أن يحاول أن يتحاشى ذلك بأن ينافق المجتمع خاسراً مبادئه بحجة الخوف على نفسه , سأحاول الكتابة عن تلك القضية في مقال لاحق .